JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
مياومة
Home

الإعلام بدخول شهر رمضان!

روى أحمد في مسنده (7148) واللفظ له، والنسائي في سننه (2106) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ: (قَدْ جَاءَكُمْ رَمَضَانُ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ، وَتُغَلُّ فِيهِ الشَّيَاطِينُ، فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ).

والكلام عن هذا الحديث على شقين:

الأول: عن سنده وصحته.

والثاني: عن فقهه وما يدل عليه.

أولًا: من حيث السند:

فالحديث في إسناده انقطاع، بين أبي قلابة الجرمي، وأبي هريرة رضي الله عنه، فروايته عنه مرسلة، كما ذكره العلائي وغيره.

لكن حسنه: الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (473).

ثانيًا: عن فقهه وما يدل عليه:

ذكر بعض العلماء أن هذا الحديث يعد أصلًا في جواز تهنئة الناس بعضهم بعضًا برمضان.

قال ابن رجب في لطائف المعارف (147): (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما خرجه الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: (قد جاءكم شهر رمضان؛ شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم). قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان). انتهى كلام ابن رجب.

وقد توسع بعضهم فجعل هذا الحديث أصلا في التهنئة بجميع الشهور المباركة.

قال ذاك القاري في مرقاة المفاتيح (4/1365) في شرحه لهذا الحديث: (وَهُوَ أَصْلٌ فِي التَّهْنِئَةِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ بِالْمُبَارَكَةِ). اهـ

وفي حاشية اللبدي (1/99) قال: (وأما التهنئة بالعيدين والأعوام والأشهر، كما يعتاده الناس، فلم أر فيه لأحد من أصحابنا نصًّا. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان. قال بعض أهل العلم: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان. قلت: وعلى قياسه تهنئة المسلمين بعضهم بعضًا بمواسم الخيرات وأوقات وظائف الطاعات). اهـ

قلت أنا- أبو رزان-: ولكن الصحيح: هو أن التهنئة أمر زائد عن مجرد البشارة، والذي ورد في السُّنة هو البشارة والإعلام بدخول الشهر، لا التهنئة. وقد فرض الصوم في السنة الثانية للهجرة، وصام النبي صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات، ولم يرد عن أحد من الصحابة أنه هنأ النبي صلى الله عليه وسلم بدخول رمضان، أو أحدًا هنأه النبي صلى الله عليه وسلم بدخول رمضان أو غيره من مواسم الطاعات كذي الحجة وغيرها.

فلا نعلم في السنة لفظًا واردًا في التهنئة بقدوم شهر رمضان، والذي ورد هو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان، كما في حديث الباب.

فهذا عن التبشير بقدوم الشهر، وأما التهنئة فلا نعلم دليلًا فيها.

وإذا كان أحمد بن حنبل رحمه الله يقول في العيد- الذي ثبت فيه التهنئة-: أنا لا أبتدئ أحدًا، فإن ابتدأني أحد أجبته؛ وذلك لأن جواب التحية واجب، فكيف بالتهنئة بدخول رمضان أو غيره من الشهور والتي لم يثبت فيها دليل؟!

وقد استدل بعض الناس لجوازه بما رواه ابن خزيمة وأبو الشيخ والبيهقي وغيرهم من حديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان، فقال: أيها الناس! إنه قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف شهر) الحديث.

والحديث إسناده ضعيف جدًا. وقال عنه ابن خزيمة: (إن صحَّ الخبر). فعلقه على الصحة.

ونقل ابن رجب عن بعض من لم يسمه من العلماء أنه قال: (هذا الحديث أصل في التهنئة بشهر رمضان!).

والصواب: أن الحديث لا يصح على قول جماعة من المحدثين.

ولو صحَّ، فليس فيه إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم مرة- وليس كل مرة- ثم قال لهم هذا.

وأيضًا: ليس فيه أن الصحابة بعدما سمعوا هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم هنأ بعضهم بعضًا بذلك.

حتى إن الراوي قال: (يبشر أصحابه)، ولم يقل: يهنئهم.

ولا توجد هذه الكلمات على لسانهم إلا قولهم: تقبل الله منا ومنكم، بعد صلاة العيد فحسب.

وهذا باب خفي من البدع: وهو أن تفهم من النص ما لا يوجد فيه!

فيجوز التذكير بفضل الشهر دون تهنئة.

وعليه، فقول بعض الناس لبعضهم في بداية شهر رمضان:

مبارك عليكم الشهر

أو: تقبل الله منا ومنكم

أو: كل عام وأنتم بخير

أو: كل سنة وأنتم طيبون

كل هذا لا دليل عليه من فعل السَّلف.

لكن يقول من أول الشهر:

اللهم سلمنا لرمضان

وسلم رمضان لنا

وتسلمه منا متقبلًا.

بل قد توسَّع الناسُ اليوم في التهنئة بقدوم شهر رمضان، بما أخرجهم عن مجرد التبشير والإعلام بدخول الشهر- إلَّا من رحم الله- فتجدهم يرسلون صورًا وتصاميم جاهزة، حيث يضع أحدهم اسمه عليها ويرسلها لمن شاء، وبعض هذه التصاميم تحوي صورًا ورسومات وشعارات لا دليل عليها، كالنجمة والهلال وفوانيس رمضان والزينة وغيرها مما هو من بقايا دين الروافض العبيديين.

وأما تبشير النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه برمضان فكان الغاية منه هو حثهم على الاستعداد لشهر رمضان، والتهيؤ للعمل الصالح، وابتداء شهر رمضان بنشاط وهمة عالية.

وقد بالغ بعض الناس فقال: إن التبشير هنا والتهنئة: سنة، وليست أمرًا مباحًا، وهذا هو الأظهر لورود الدليل الصحيح بذلك.

وهذا كلام عجيب جدًا، فإن أهل العلم يكادون يجمعون على أن التهنئة مباحة، وليست سنة.

حتى قال الجهمي القبوري ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (3/56): (قَالَ الْقَمُولِيُّ: لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ: أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ: مُبَاحٌ، لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ). اهـ

وأما استدلال بعض الناس بأن التهنئة بالنعم الدينية والدنيوية أمر مشروع، لا حرج فيه، كما في حديث توبة كعب بن مالك رضي الله عنه وفيه: (فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ).

فالجواب: أن هذه التوبة جاءت بعد انقطاع وهجرة من الصحابة لهم، حتى إن الأرض ضاقت عليه، فلم يتكرر سنويًا- مع كعب رضي الله عنه- كما يحدث الآن في رمضان، فصارت كأنها عادة أو سنة، بل قد يغضب بعض الناس إذا لم تهنأه بدخول الشهر.

وأيضًا لو فهم الصحابة من ذلك استحباب أو سنية هذا الأمر لقام إليه المهاجرون والأنصار، ولكنه قال: (وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ).

author-img

أبو رزان محمد بن عبدالحليم

Comments
    NameEmailMessage