JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
مياومة
الصفحة الرئيسية

الرد على رسالة: لا تقل: يا رب، بل قل: رب!

جاءتني رسالة، يستوضح صاحبها عن هذا الكلام:

لا تقل: يا رب، بل قل: رب!
ولا تقل: يا الله، بل قل: اللهم!
ولا تنادي ربك بأي حرف نداء!

تأمل الآيات :
(ربِ أرني أنظر إليك).
(ربنا أفرغ علينا صبرا).
(ربِ لا تذرني فردا).

ففي مواطن الدعاء لم يرد في القرآن العظيم نداء الله تعالى بحرف المنادى "يا" قبل (رب) البتة، وإنما حذفت في كل القرآن.

والسر البلاغي في ذلك: أن (يا) النداء تستعمل لنداء البعيد، والله تعالى أقرب لعبده من حبل الوريد، فكان مقتضى البلاغة حذفها.

انتهى نص الرسالة.

وأقول مستعينًا بالله:

ينصح صاحب هذه الرسالة الناس أن يقولوا في دعائهم (رب، أو اللهم) ولا يقولوا: (يا رب أو يا الله!).

وما علم المسكين أن كلمة (اللهم) هي في الأصل (يا الله)؛ وكلمة (رب) هي في الأصل (يا رب). فعاد المعنى إلى نفسه.

قال الطحاوي في مشكل الآثار (1/185): "قولهم: اللهم، إنما كان الأصل فيه يا الله، فلما حذفوا الياء من أول الحرف؛ زادوا الميم في آخره، ليرجع المعنى الذي في يا الله".

1- قد جاء في كتاب الله ما يدل على جواز الدعاء والنداء- بل والشكوى- باستعمال حرف النداء (يا) بخلاف من زعم عدم جواز ذلك، أو قال بكراهيته، ومن ذلك:

قال تعالى: (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).

وقوله: (وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلاء قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ).

وإذا كانت هذه الآيات في الشكوى، فهي في الدعاء جائزة؛ لأن الباب واحد؛ وهو رفع الأمر إلى الله.

وبث الشكوى إلى الله نوع من الدعاء.

2- روى مسلم في صحيحه (2393) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا... ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، ومكسبه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك".

فهنا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم كون هذا الرجل يأكل الحرام مع الدعاء، ولم ينكر قوله: (يا رب! يا رب).

3- وفي الصحيحين في ذكر حديث الشفاعة يقول الله: (يا محمد! ارفع رأسك، سل تعطه واشفع تشفع؛ فأرفع رأسي؛ فأقول: أمتي يا رب! أمتي يا رب).

ولم يقل: رب أمتي، رب أمتي. على قول من ألزم حذف حرف النداء (يا) عند الدعاء.

4- وفي صحيح البخاري، في حديث الذين يؤمر بهم فيذهبون للنار من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فأقول: يا رب أصحابي! أصحابي! فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك.

5- وفي صحيح البخاري، في حديث آخر رجل يخرج من النار ويدخل الجنة: فيقول: يا رب! قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فاصرف وجهي عن النار؛ فلا يزال يدعو الله فيقول: لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره. فيقول: لا وعزتك، لا أسألك غيره، فيصرف وجهه عن النار، ثم يقول بعد ذلك: يا رب قربني إلى باب الجنة، إلى أن يقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك.

6- وروى البخاري في الأدب المفرد عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أبشرك عما لقي أبوك؟ إن الله كلم أباك من غير حجاب، فقال له: عبدي سلني، فقال: يا رب ردني إلى الدنيا حتى أقتل فيك، قال: إني قد قضيت عليهم ألا يرجعوا، قال: يا رب! فأبلغهم عنا" فأنزل الله عز وجل: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون).

7- وروى البخاري في خلق أفعال العباد (ص82) عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيت فجهر بالدعاء، فجعل يقول: يا الله، يا رحمن، فسمعته أهل مكة، فأقبلوا عليه، فأنزل الله: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُو فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنى). إلى آخر الآية.

8- وروى أبو داود في سننه (987) والنسائي في سننه (1309) عن محجن بن الأدرع حدثه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد، وهو يقول: اللهم إني أسألك يا الله الأحد الصمد، الذى لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم. قال: فقال: قد غفر له قد غفر له. ثلاثًا.

9- وروى البخاري ومسلم في حديث فرض الصلوات الخمس، قال موسى عليه السلام لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل أو خبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي، فقلت: يا رب! خفف على أمتي؛ فحطَّ عني خمسًا". الحديث.

 10- وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم صباحًا ومساء: يا حي! يا قيوم! برحمتك أستغيث.

11- وعن أنس بن مالك، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة ورجل قائم يصلي، فلما ركع وتشهد دعا، فقال في دعائه: (اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للقوم: أتدرون ما دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده، لقد دعا الله عز وجل باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى).

12- وروى أحمد في مسنده (22017) والطبراني في الدعوات الكبير (228) عن معاذ بن جبل، قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر، فقال: قد سألت البلاء، فسل الله العافية. قال: ومرَّ برجل يقول: يا ذا الجلال والإكرام. قال: قد استجيب لك؛ فسل".

فذكر النداءين معًا: اللهم، وحرف النداء (يا).

13- وروى أحمد والترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألِظُّوا بـ: يا ذا الجلال والإكرام).

أي: الزموا وداوموا على قول: يا ذا الجلال والإكرام.

14- وروى ابن أبي شيبة في مصنفه عن مجاهد قال: قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ما وضع رجل جبهته لله ساجدًا فقال: يا رب اغفر لي! يا رب اغفر لي! يا رب اغفر لي! ثلاثًا إلا رفع رأسه وقد غفر له.

15- وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (30130) عن رجل يقال له ميكائيل شيخ من أهل خراسان، قال: كان عمر إذا قام من الليل يقول: قد ترى مقامي وتعلم حاجتي فارجعني من عندك يا الله بحاجتي مفلحًا منجحًا مستجيبًا مستجابًا لي، قد غفرت لي ورحمتني.

16- وروى عن منصور (25618) قال: كان نقش خاتم إبراهيم: (يا الله)، وله ذباب.
وإبراهيم: هو النخعي.

17- وقال ذاك البيهقي في كتابه شعب الإيمان (2/372): ذكر فصول في الدعاء يحتاج إلى معرفتها.

ثم قال: "الدعاء: قول القائل: يا الله، أو يا رحمن، أو يا رحيم، وما أشبه ذلك، وهو أيضًا نداء". انتهى.


وشواهد هذا كثيرة.

فالأمر فيه سعة، والحمد لله رب العالمين.

ولا بأس بتقديم حرف النداء (يا) بين يدي الدعاء.

 

author-img

أبو رزان محمد بن عبدالحليم

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة