JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
مياومة
الصفحة الرئيسية

ذراع الجبار عز وجل!



بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

قال أحمد في مسنده (10931): حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِاللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ، وَفَخِذُهُ مِثْلُ الْبَيْضَاءِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، كَمَا بَيْنَ قُدَيْدٍ إِلَى مَكَّةَ، وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ).

والحديث: إسناده صحيح، وعبدالرحمن بن عبدالله بن دينار فيه كلام من جهة حفظه، وأخرج له البخاري. والحديث صحيح بمجموع طرقه، وله شواهد.

ورواه ابن أبي عاصم في السنة (610)، وابن حبان (7486)، والحاكم (4/595)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص342) من طريق أبي صالح السمان، عن أبي هريرة، مرفوعًا: (إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار، وضرسه مثل أحد). وإسناده صحيح.

وقد اختلفوا في تأويل قوله صلى الله عليه وسلم: (بذراع الجبار).

فذهب عامة المتأخرين إلى أنها ليست من صفات الله، وإنما الجبار المذكور في الحديث: ملك من الملوك الجبابرة الذين عظم خلقهم، وأوتوا بسطة في الجسم، كما في قوله: (إن فيها قومًا جبارين).

ومن هؤلاء: ابن قتيبة كما في تأويل مختلف الحديث (252)، فقال: (ونحن نقول: إن لهذا الحديث مخرجًا حسنًا، إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أراده، وهو أن يكون الجبار ههنا الملِك، قال الله تبارك وتعالى: "وما أنت عليهم بجبار". أي: بملك مُسلَّط، والجبابرة الملوك، وهذا كما يقول الناس، هو كذا وكذا ذراعاً بذراع الملك، يريدون: بالذراع الأكبر، وأحسبه ملكًا من ملوك العجم، كان تامّ الذراع، فنُسب إليه).

ووافقه على ذلك التأويل: الأزهري في تهذيب اللغة (11/61).

وقال ابن حبان (7443): (الْجَبَّارُ: مَلِكٌ بِالْيَمَنِ؛ يُقال لَهُ: الْجَبَّارُ).

وقال الحاكم في المستدرك (8760): (قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ إِسْحَاقَ- الصبغي: مَعْنَى قَوْلِهِ بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ: (أَيْ: جَبَّارٌ مِنْ جَبَابِرَةِ الآدَمَيِّينَ مِمَّنْ كَانَ فِي الْقُرُونِ الْأُولَى مِمَّنْ كَانَ أَعْظَمَ خَلْقًا وَأَطْوَلَ أَعْضَاءً وَذِرَاعًا مِنَ النَّاسِ).

قلت: وأبو بكر الصبغي هذا قد استتيب من الزندقة، وأمر السلطان بصلبه، كما روى خبره أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام، فماذا ننتظر من تأويله للصفات؟!

وقال البيهقي في الأسماء والصفات (431): (قال بعض أهل النظر في قوله: "بذراع الجبار": إن الجبار هاهنا لم يُعْنَ به القديم، وإنما عُني به رجل جبار كان يوصف بطول الذراع وعظم الجسم، ألا ترى إلى قوله: (كل جبار عنيد)، وقال: (وما أنت عليهم بجبار). وقوله: (بذراع الجبار) أي: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع وعظم الجسد، ويحتمل أن يكون ذلك ذراعاً طويلاً يذرع به، يعرف بذراع الجبار، على معنى التعظيم والتهويل، لا أنَّ له ذراعاً كذراع الأيدي المخلوقة).

وقول البيهقي: (قال بعض أهل النظر)، يحمل على جماعته من الأشاعرة والجهمية، ولو أراد السنة، لقال: (قال بعض أهل الأثر).

وقال المناوي في فيض القدير (4/255): (أراد به هنا مزيد الطول أو أنَّ الجبَّار اسم ملِك من اليمن أو العجم كان طويل الذراع، وقال الذهبي: ليس ذا من الصفات في شيء، وهو مثل قولك ذراع الخياط وذراع النجار).

وقال ابن جماعة في كتابه إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل (212): (والجبار هنا لا يعنى الرب تبارك وتعالى، بل عني به رجلا جبارًا كان يوصف بطول الذراع وعظم الجسم، ومنه قوله تعالى: (كل جبار عنيد)، (وما أنت عليهم بجبار)، فمراده: بذراع ذلك الجبار الموصوف بطول الذراع، وقيل: كان ذراع طويل يعرف بذراع الجبار، فسماه للتعظيم والتهويل، لا أنه ذراع اليد المخلوقة).

وقال ابن حجر في شرح البخاري (11/423): (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ: غِلَظُ جِلْدِ الْكَافِرِ وَكَثَافَةُ جِلْدِهِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: أَرَادَ بِذَلِكَ التَّهْوِيلَ- يَعْنِي بِلَفْظِ الْجَبَّارِ- قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدُ جَبَّارًا مِنَ الْجَبَابِرَة إِشَارَة إِلَى عزم الذِّرَاع. وَجزم ابن حِبَّانَ لِمَا أَخْرَجَهُ فِي صَحِيحِهِ بِأَنَّ الْجَبَّارَ مَلِكٌ كَانَ بِالْيَمَنِ). اهـ

ويلاحظ أن أكثر من تأول هذا التأويل هم من الأشاعرة والجهمية ونفاة الصفات.

والعجيب أن ابن قتيبة قال ردًّا على من استبشع شيئًا من الصفات، كما في عيون الأخبار (1/46): (لا تستشعر أن القوم قارفوا، وتنزهت، وثلموا أديانهم، وتورعت). انتهى.

فوقع فيما حذر منه!

قلت: وأما المتقدمون: فقد جعلوه من أحاديث الصفات؛ حيث ذكر عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمهما الله هذا الحديث في كتابه السنة في الرد على الجهمية.

قال عبدالله بن أحمد في السنة (1083): حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَأَبُو مَعْمَرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- قَالَ هَارُونُ فِي حَدِيثِهِ- قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: قَالَ أَبُو مَعْمَرٍ فِي حَدِيثِهِ قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! أَتَدْرِي كَمْ عَرْضُ جِلْدِ الْكَافِرِ؟ قَالَ: قُلْتُ لَا أَدْرِي، قَالَ: أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ.

وإسناده صحيح، ورجاله ثقات، من رجال الشيخين، وله حكم الرفع، ولا تضر عنعنة الأعمش.

وقال عبدالله في السنة (1127): حَدَّثَنِي الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، نا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ أَبِي النَّجُودِ، حَدَّثَنِي زِرٌّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (لَيُسْمَعُ لِلْهَوَامِّ جَلَبَةٌ بَيْنَ أَطْبَاقِ جِلْدِ الْكَافِرِ كَمَا يُسْمَعُ جَلَبَةُ الْوحُوشِ فِي الْبَرِّ، وَإِنَّ جِلْدَهُ لَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّار).

وقد أورده ابن أبي عاصم ضمن أبواب أحاديث الصفات في كتاب السنة، فقال ابن أبي عاصم في السنة (610): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (غِلَظُ جِلْدِ الْكَافِرِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ الْجَبَّارِ، وَضِرْسُهُ مِثْلُ أُحُدٍ).

وذكره ابن منده في الرد على الجهمية (35).

وكذلك أورده أبو يعلى الفراء في كتابه إبطال التأويلات ضمن أحاديث الصفات، وتكلم عنه، وانتصر له (1/ 203 - 205).

والظاهر من صنيعهم أنهم أرادوا بها أنها من الصفات المضافة لله سبحانه وتعالى، إضافة الصفة إلى الموصوف.

ويدل لذلك أنها في بعض النسخ، كتبت هكذا: (بذراع الجبار عز وجل). كما في الكفاية للخطيب، وإبطال التأويلات لأبي يعلى الفراء.

وكما في أصل سماع البرقاني، بل وعليه تصحيح، وهذا يدل على أنه كتبها عمدًا هكذا.

وكما هو معلوم، فالذراع لا تستقل بنفسها في الواقع، فلا توجد ذراع دون صاحبها، فإضافتها إلى الجبار من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.

لأن المضاف إلى الله تعالى إما يكون معنى أو ذاتًا، فأما المعاني المضافة إلى الله مثل: الرحمة والحياة والقدرة... فهذه إضافتها إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.

وأما الذات: فهي إما أن تكون قائمة بنفسها كالرسول والناقة والبيت... فتكون إضافتها إلى الله حينئذ من باب التشريف، فنقول رسول الله، ناقة الله، بيت الله... على وجه التشريف والإكرام.

أو تكون ذاتًا غير قائمة بنفسها كاليد والقدم والعين والذراع، فتكون الإضافة هنا إضافة صفة إلى موصوف. فلا توجد يد أو قدم أو عين أو ذراع دون صاحبها.

وهذا هو الصحيح، وهو الظاهر من الحديث ويدل عليه صنيع أهل السنة، فالذراع صفة من صفات الله عز وجل، دون تكييف أو تجسيم أو تشبيه لها بذراع المخلوق، كما أن أهل السنة أثبتوا صفة الوجه واليدين والاستواء، ولم يروا في ذلك ما يدعو إلى التحديد أو التجسيم، وهو ما صرّح به أبو يعلى الفراء في إبطال التأويلات (1/ 204 - 205).

ثانيًا: من المعلوم أن التأويل لابد له من دليل أو قرينة يصرفه عن ظاهره إلى معنى آخر، ولا دليل هنا لصرف اللفظ عن ظاهره.

ثالثًا: الأصل أن النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب الصحابة بما تفهمه العرب من كلامها، وبما يكثر استعماله فيهم، وهذا الجبار لا يعهد له ذكر في الشريعة، فكيف يعلق النبي صلى الله عليه وسلم أمرًا من الغيبات، كغلظ جلد الكافر في النار على ذراع أحد الملوك الجبابرة والذي لا تعرفه الصحابة؟!

رابعًا: لا يُعهد في الشريعة أنها علقت موازين الناس أو أقيستهم على أحد الملوك الجبابرة أو أحد البشر، فلا يقال مثلًا: صاع كصاع الجبار، أو مد كمد الجبار أو غير ذلك، ولما قالوا الصاع النبوي أو المد النبوي، قالوا: أي بمد الرجل المعتدل.

بل روى ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: (المكيالُ مكيالُ أهلِ المدينةِ، والوزنُ وزنُ أهلِ مكَّةَ).

رواه أبو داود (3340)، والنسائي (4594)، والطبراني (13449)، وصححه الدارقطني.

ولما ذكر طول أهل الجنة وأعمارهم مثل لهم بطول آدم وعمر عيسى، وهم أنبياء معروفون، بخلاف هذا الملك الجبار الذي لا يعرف عنه اسم أو وصف.

وقد روى الطبراني، وابن أبي الدنيا عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم؛ ستين ذراعًا بذراع الملك).

وكلمة (الملك) هكذا على الإطلاق تصرف إلى الله سبحانه وتعالى.

وقال حمود التويجري في كتابه إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (3/418) بعد ما ذكر أقوال المؤولة لهذه الصفة- بأنه ذراع ملك من ملوك الدنيا عرف عنه طول الذراع- قال: (وهذه الأقوال لا دليل على شيء منها، والأولى إمرار الحديث كما جاء، وترك التكلف في بيان معنى ذراع الجبار، والله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم). اهـ

قلت: وقد أحسن في قوله هذا، والواجب إمرار الحديث كما جاء، وإثبات الصفة كما جاءت، مع ترك التكلف في تأويل ذراع الجبار على المعنى الذي عناه المتأخرون.

بل بلغ الحقد بابن الجوزي مبلغه، فقال عن هذا الحديث، كما في كتابه دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه (ص176): (قال أبو عمر الزاهد: الجبار هاهنا الطويل، يقال: نخلة جبارة، وقال ابن قتيبة: الجبار ههنا الملك والجبابرة الملوك. وقال القاضي أبو يعلى المجسم: نحمله على ظاهره، والجبار هو الله تعالى. قلت: واعجبًا أذهبت العقول إلى هذا الحد؟! أيجوز أن يقال: إن ذراع الله سبحانه إثنان وأربعون مرة تبلغ جلد الكافر، ويضاف الذراع إلى ذات القديم سبحانه، ثم قال: ليس بجارحة، فإذا لم يكن جارحة كيف ينشئ اثنين وأربعين مرة؟! تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا).

ولم يقول ابن الجوزي هذا إلا لأنه يعتقد أن إثبات الذراع لله يقتضي تشبيهه بخلقه.

قلت: ويشهد لهذه الصفة؛ ما رواه عبدالله بن أحمد في السنة (1062)، والدارمي في نقضه على المريسي الجهمي (192)، وابْن منده فِي رده على الجهمية (78) وغيرهم بسند صحيح عن هِشَام بْن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمَلَائِكَةَ مِنْ نُورِ الذِّرَاعَيْنِ وَالصَّدْرِ).

ففيه إثبات صفة الصدر والذراعين لله تعالى.

وقد أورد أهل السنة هذا الأثر في أبواب الرد على الجهمية، بل وتلقوه بالقبول، بل وبوبوا له، كما قال ابن المحب في كتابه الصفات: (باب: ما ذكر في الساعد والذراع والباع والصدر).

وقال القاضي أبو يعلى في إبطال التأويلات (1/222): (غير ممتنع حمل الخبر على ظاهره في إثبات الذراعين والصدر؛ إذ ليس في ذلك ما يُحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه.

ثم قال: فإن قيل: عبدالله بن عمرو لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو موقوف، فلا يلزم الأخذ به؟ قيل: إثبات الصفات لا يؤخذ إلا توقيفًا، لأنه لا مجال للعقل والقياس فيها، فإذا روي عن بعض الصحابة فيه قول؛ عُلِم أنهم قالوه توقيفًا). انتهى.

والعجيب أن الألباني صحح الأحاديث التي فيها لفظة: (بذراع الجبار).

وضعف الأحاديث التي فيها: (أن الملائكة خلقت من نور الذراعين والصدر).


وهذه جملة من كلام السلف حول اعتقاد أهل السنة في الأسماء والصفات:

قال سُفيان بن عُيينة رحمه الله: هذه الأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصِّفات، والنُّزول، والرُّؤية، حقٌّ نؤمن بها، ولا نفسِّرها إلا ما فُسِّر لنا من فوق.

رواه ابن منده في التَّوحيد ‹ ٨٩٧ › .

وقال سفيان بن عيينة‏ أيضًا:‏ كل ما وصف اللّه به نفسه في كتابه، فتفسيره قراءته والسكوت عنه؛ ليس لأحد أن يفسره إلا الله ورسوله‏ صلى الله عليه وسلم.

ذكره عنه البغوي في تفسيره (1/241).

وقال الترمذي في جامعه (4/692): (والمذهب في هذا عند أهل العلم من الأئمة مثل ‏ ‏سفيان الثوري ‏ ‏ومالك بن أنس ‏ ‏وابن المبارك ‏ ‏وابن عيينة ‏ ‏ووكيع ‏ ‏وغيرهم أنهم رووا هذه الأشياء ثم قالوا:‏ ‏تروى هذه الأحاديث ونؤمن بها ولا يقال: كيف؟ وهذا الذي اختاره أهل الحديث أن ‏تروى هذه الأشياء كما جاءت، ويؤمن بها، ولا تفسر، ولا تتوهم، ولا يقال: كيف؟ وهذا أمر أهل العلم الذي اختاروه وذهبوا إليه).

والتفسير المنفي هنا هو تفسير الكيفية، وليس المعنى.

وقال أبو عبيد القاسم بن سلَّام رحمه الله: (وذكرَ الباب الذي يُروىٰ في «الرُّؤية»، «والكرسي موضع القدمين»، «وضحك ربُّنا»؛ فقال: هذه الأحاديث صِحاح، حملها أصحاب الحديث والفُقهاء بعضهم عن بعض، وهي عندنا حقٌّ لا نشُكُّ فيها؛ لكن إذا قيل: كيف وضع قدمه؟ وكيف ضَحِك؟ قلنا: لا يُفسِّر هذا، ولا سمعنا أحدًا يُفسِّره).

رواه الدَّارقطني في الصِّفات ‹٥٧›.

وقال ابن بطَّة العُكبري رحمه اللَّه: (كلُُّ ما جاء من هذه الأحاديث وصحَّت عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؛ ففرضٌ علىٰ المسلمين قَبولها، والتَّصديق بها، والتَّسليم لها، وترك الاعتراض عليها، وواجب علىٰ من قبلها وصدَّق بها أن لا يضرب لها المقاييس، ولا يتحمَّل لها المعاني والتَّفاسير؛ لكن تُمرُّ علىٰ ما جاءت، ولا يُقال فيها: لمَ؟ ولا كيف؟ إيمانًا بها وتصديقًا، ونقف من لفظها وروايتها حيث وقف أئمَّتنا وشيوخنا، وننتهي منها حيث انتهىٰ بنا؛ بلا مُعارضة، ولا تكذيب، ولا تنقير، ولا تفتيش، واللَّه الموفِّق، وهو حسبنا ونعم الوكيل).

الإبانة ‹٢٤٤/٣› .

author-img

أبو رزان محمد بن عبدالحليم

تعليقات
    الاسمبريد إلكترونيرسالة