رأيت رجلًا يصلي ولا يرفع يديه في صلاته، تأملته في الركعة الأولى ثم الثانية، فلم أجده رفع يديه في خفض أو رفع، فإذا بصلاته قبيحة المنظر، لا تكاد العين تستسيغ النظر إليها، حينها تذكرت آثارًا عن السلف في أن رفع اليدين زينة الصلاة.
قال عبدالملك: سألت سعيد بن جبير عن رفع اليدين في الصلاة فقال: (هو شيء تزين به صلاتك).
رواه البخاري في جزء رفع اليدين (٣٧).
وقال النعمان بن أبي عياش: (لكل شيء زينة، وزينة الصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع).
رواه البخاري في جزء رفع اليدين (٥٨).
وعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا رأى رجلاً لا يرفع يديه إذا ركع، وإذا رفع؛ رماه بالحصى).
رواه البخاري في جزء رفع اليدين (١٤).
بل قد تواتر هذا المعنى عن الصحابة رضي الله عنهم.
قال البخاري في جزء رفع اليدين(٧): (وقال الحسن وحميد بن هلال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أيديهم، فلم يستثن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دون أحد، ولم يثبت عند أهل العلم عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه، وكذلك رويناه عن عدة من علماء مكة وأهل الحجاز والعراق والشام والبصرة واليمن وعدة من أهل خراسان). اهـ
وقال (٣٤): (لم يثبت عند أهل النظر ممن أدركنا من أهل الحجاز وأهل العراق، منهم عبدالله بن الزبير وعلي بن عبدالله بن جعفر ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، هؤلاء أهل العلم من أهل زمانهم، فلم يثبت عند أحد منهم علمنا في ترك رفع الأيدي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يرفع يديه). اهـ
والسنة في ذلك: هو رفع اليدين في الصلاة إذا كبر للإحرام، وإذا ركع، وإذا رفع من الركوع، وإذا قام من التشهد الأول.
وقد كان ذلك هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم دائمًا إلى أن فارق الدنيا.
أما الأحناف فإنهم لا يرفعون أيديهم يخشون من الطيران!
فطارت بهم الآراء إلى حيث ابتعدوا عن السنة!
ففي السنن الكبرى (2640) لذاك البيهقي عن وكيع قال: (صليت في مسجد الكوفة، فإذا أبو حنيفة قائم يصلى، وابن المبارك إلى جنبه يصلى، فإذا عبدالله- ابن المبارك- يرفع يديه كلما ركع وكلما رفع، وأبو حنيفة لا يرفع، فلما فرغوا من الصلاة، قال أبو حنيفة لعبدالله: يا أبا عبدالرحمن! رأيتك تكثر رفع اليدين أردت أن تطير؟ فقال له عبدالله: يا أبا حنيفة قد رأيتك ترفع يديك حين افتتحت الصلاة، فأردت أن تطير؟ فسكت أبو حنيفة. قال وكيع: فما رأيت جوابًا أحضر من جواب عبدالله لأبى حنيفة.