هذه الأنشودة الصبيانية المعروفة بـ(يا طيبة! يا طيبة!) لا ينبغي سماعها أو نشرها بين الأطفال، بل يخشى أن تكون من باب دعاء غير الله، والعجيب أنها تباع على شكل ألعاب ومجسمات من أمام المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول كاتبها في أولها:
يا طيبة يا طيبة يا دوا العيانا اشتقنالك والهوى نادانا
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لطيبة (المدينة) فضائل كثيرة، ليس منها أن المدينة دواء للعين أو الحسد أو المرض، وقد كان بعض الصحابة رضي الله عنهم قد أصيب بالعين والحسد وغيرها من الأمراض بالمدينة، ومع ذلك لم يستشف بطيبة.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن زمزم لما شرب له، أما المدينة والقبر فلا يصح في ذلك شيء، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا ربه أن ينقل حمى المدينة ووباءها إلى الجحفة.
ثم إن الهوى مذموم.
ومن كلماتها أيضًا:
نَبِيِّنَا أَغْلَى أمنياتي أزورك وَلَوْ مَرَّةً بحياتي
وينبغي للمؤمن أن تكون أغلى أمنياته هي رؤية وجه الله سبحانه وتعالى في الآخرة، ثم رفقة نبيه صلى الله عليه وسلم في الجنة مع الصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقأ.
والعجيب أنه توجد أنشودة شيعية رافضية لحداد علوي، تشبه كلماتها إلى حد كبير أنشودة (يا طيبة!).
ومن ذلك الأنشودة الأخرى:
تحت السدرة وأنا أدور دوا عيوني
ما لقيته عساه فاله العلة
سيدي محمود قلي وش جرح خدك
جرح سكين ولا جرح من ربك
يا عبدالله وان باغي بدر هيا
داويني داويني ياعبيدالله
قلت: وفيها عدة محاذير:
أولًا: الشيلات بالصورة التي نسمعها اليوم لا تجوز، بل هي أشد من الأغاني، لأن بعض من يسمعها يعتقد حلها، وأنها بدلًا عن الأغاني المحرمة.
وقد حكم عليها المشايخ المعاصرون بحرمتها لاسيما إذا كانت مصحوبة بإيقاعات موسيقية أو تأثيرات صوتية تشبه الموسيقى.
ثانيًا: هذه الأغنية قد حوت كلمات شركية، وكذبًا وافتراء، واستغاثة بغير الله، وسوء أدب مع الله.
فدواء العيون ليس تحت الأشجار.
والنداء بـ (سيدي محمود) لا يجوز، فإن السيد هو الله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك تساهل بعض المعممين أو الأزهريين في إطلاق لفظ (سيدنا) على كل أحد، وكأنه ينادي على نفسه بالعبودية لهذا السيد، فإن السيد في البشر لا تكون إلا من المرأة لزوجها أو من العبد لسيده الذي اشتراه بماله.
ثالثًا: قولهم: (داويني يا عبيد الله). شرك في الدعاء، وفيه استغاثة بغير الله تعالى، وطلب الدواء من غيره سبحانه وتعالى، بلفظ النداء الذي لا يصلح إلا لله.
رابعًا: فيه سوء أدب مع الله بقوله: (جرح من ربك)، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في كل جمعة على المنبر: (نعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا)، وقالت الجن: (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدًا). وكان إبراهيم عليه السلام يقول: (وإذا مرضت فهو يشفين). ففي كل هذا نسبة الشر والمرض للنفس، وإن كان الله هو الذي قدرها وخلقها.